تم النشر فى : الجمعة، 19 أكتوبر 2018
الناشر : مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK

علاء الدين سعيد ، يكتب : البعثات الدبلوماسية والقنصلية ، بين الحصانة وحقوق الدولة المضيفة فى القانون الدولى





الوطن العربى اليومية - لندن..


تتسارع الأحداث من حولنا بالكثير من المتناقضات والإنتهاكات الصارخة للمبادئ الإنسانية والأعراف والقوانين المحلية والدولية على السواء ، وأكثر ما يثير حفيظة المتابع لها صدور هذه الإنتهاكات عن حكومات ومؤسسات وأجهزة المفترض فيها الحفاظ على هذه القيم وترسيخ العمل والإلترام بها على كافة الأصعدة المحلية والدولية فى كافة المجالات وهذه هى قيمة الدولة والتعبير عن نهج النظام الحاكم بها أيَّاً كانت هذه الدولة وأيَّاً كان موقعها من العالم المتحضر الحديث . لعل أبرز ما لفت الإنتباه وحاز إهتمام الرأى العام العربى والعالمى فى الآونة الأخيرة هو حادث إخفاء - وليس اختفاءاً كما يتردد خطأً - المعارض السعودى البارز والصحفى القدير الكبير جمال خاشقجى الذى تعرض لعملية شديدة السذاجة - بمقاييس العمل المخابراتى - لإخفائه وربما التخلص منه نهائيَّاً على أرض دولة أخرى هى تركيا باستخدام المقر القنصلى العام للدولة السعودية فى هذه الدولة المضيفة للبعثة القنصلية السعودية والتى يحمل خاشقجى جنسيتها كسعودى إلاَّ إنه يعارض نظامها الحاكم بقلمه وفكره وعقله وثقافته وله فى ذلك رؤيته ووجهة نظره ومبرراته فى إطار إيمانه العميق بممارسته حرية التعبير من مهجره فى بلاد تسمح بهذا القدر من الحرية التى يمارسها حبا لبلاده ووطنه وشعبه وتمسكا بقضاياه الوطنية . دَخَلَ جمال خاشقجى مترجلا إلى داخل مقر القنصلية العامة للمملكة العربية السعودية باسطنبول دون ان يخرج منها حسب كافة التقارير والمتابعات والدلائل على ذلك حسب شهود العيان وكاميرات المراقبة ووسائل الإعلام وحسب الأمن والقضاء التركى بل وحسب الحكومة التركية وهى حكومة الدولة المضيفة للبعثة القنصلية السعودية لديها ، ما يعنى فقدان أثر جمال خاشقجى منذ دخوله إلى هذا المقر . بغض النظر عن تواتر الأحداث وتداعياتها منذ لحظة فقد السيد جمال خاشقجى وبغض النظر عن الأقوال المتضاربة والتلاسن من كافة الأطراف حول هذه الحادثة البشعة التى تشكل - حال ثبوتها نهائياً - جريمة دولية ضد الإنسانية والحريات فى العالم بكافة المعايير وبما يحمله هذا من تعبير عن منهجية النظم القمعية الحاكمة فى التعامل مع معارضيها وتوسيد أمور الحكم وقيادة البلاد لا سيما فى عالمنا العربى من أرعن إلى الأشد رعونة . بغض النظر عن كل هذه الإعتبارات أثارت قضية " إخفاء " جمال خاشقجى جدلا حول مدى إمكانية تمتع البعثة القنصلية السعودية باسطنبول ومقرها ومقر إقامة القنصل السعودى بالحصانة القنصلية ، كما أثارت أيضا وفى الوقت ذاته التساؤل حول مدى الحقوق التى تتمتع بها تركيا كدولة مضيفة لهذه البعثة القنصلية التى يقع مقرها على أراضيها التى تمارس عليها سيادتها كدولة تجاه هذه البعثة ومقرها ومقر إقامة القنصل السعودى بما فى ذلك الإجراءات القانونية والقضائية نحوها . من المسلم به مبدئيا طبقا للقانون الدولى والإتفاقيات الدولية أن أراضى ومقار البعثات الدبلوماسية والقنصلية لأية دولة - وهى كافة المباني والأراضي التابعة لها التي تستعملها لحاجات المركز الدبلوماسى أو القنصلى - إنما هى جزء من إقليمها فيما يعرف دبلوماسياً وطبقا للقانون الدولى بمبدأ " الإمتداد الإقليمى " والذى يقوم على تصوّر " إفتراضى " بامتداد إقليم الدولة إلى مقراتها الدبلوماسية والقنصلية في الخارج وباحتفاظ مبعوثيها الدبلوماسيين والقنصليين - وهم يباشرون وظائفهم بالخارج - بمقراتهم الأصلية في الدول التي يمثّلونها ، وبذا تكون السفارات والقنصليات والملحقيات التابعة للسعودية - فى حالتنا هذه - أراضٍ سعودية شأنها شان أى مكان آخر داخل حدود السعودية لها عليها سيادتها وتسرى عليها قوانينها الداخلية بمن فيهم العاملين بها كما تسرى القوانين الدولية المنظمة لعلاقاتها الدبلوماسية والقنصلية مع الدولة المضيفة وهى هنا تركيا مما يؤكد المعنى الحقيقى لمفهوم " الحصانة الدبلوماسية والقنصلية " فى إطار عوامل اخرى لا بد من توافرها لاستمرار التمتع بهذه الحصانة التى تعتبر وفقاً للقانون الدبلوماسى الدولى أن مقرات البعثات الدبلوماسية محصّنة ولا يمكن الدخول إليها دون موافقة البعثة ذاتها حيث يحظر الدخول إلى مقر البعثة من قبل سلطات الدولة المضيفة دون موافقة رئيس البعثة أو القائم مقامه ذلك فيما ما عدا حالة " الضرورة القصوى " ، بل والكثر من ذلك أن الدولة المضيفة يقع عليها عبء الإلتزام باحترام ذلك بل وعليها الإلتزام بحماية مقرات البعثة من الإقتحام أو التدمير أو ما يعد إنتقاصاً لكرامتها ومساساً او إنتقاصاً من هيبة الدولة التى تنتمى إليها البعثة . ولكن أيضا - وطبقا لنفس القوانين والمعاهدات الدولية المنظمة لذلك - يجب عدم إستخدام مقرات البعثة الدبلوماسية أو القنصلية بطريقة " غير مناسبة " لوظائف البعثة ، مع الإشارة الهامة هنا إلى أن وظيفة البعثة القنصلية تتمثل بل وتنحصر أساساً فى العمل على تنمية العلاقات الإقتصادية والتجارية بين دولتها والدولة المضيفة وإصدار جوازات السفر لرعايا دولتها بالدولة المضيفة وتأشيرات الدخول إلى دولتها الأصلية وترحيل الموظفين وقيد أسماء المواليد والوفيات وتوثيق العقود الخاصة برعايا الدولة الأم . وفى الشأن الدبلوماسى والقنصلى هناك العديد من الإتفاقيات والمعاهدات الدولية المنظمة للعلاقات الدولية التى تقوم على إحترام سيادة الدولة المضيفة لمقار هذه البعثات كما تؤكد على إحترام هذه البعثات للقوانين الداخلية والمعاهدات الدولية لقوانين البلد المضيف وأبرزها إتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1916 م الصادرة عن هيئة الامم المتحدة وكذلك إتفاقية فينا للعلاقات القنصلية لعام 1963م وذلك فى إطار القانون الدبلوماسى الدولى والذى يؤكد على مبدأ " المعاملة بالمثل " أيضاً بين الدول فى هذا الشأن . وفى ذلك تنص المادة 31 من إتفاقية فينا للعلاقات القنصلية لعام 1963م على حرمة الدور القنصلية بنصها على ان تكون حرمتها مصونة إلى الدرجة المحددة في هذه المادة فلا يجوز لسلطات الدولة المضيفة دخول القسم من الدور القنصلية المخصص كليا للأعمال القنصلية إلا بموافقة رئيس البعثة القنصلية أو ممثله بموافقة رئيس البعثة الدبلوماسية للدولة الموفدة. ويمكن افتراض حصول هذه الموافقة عند حدوث الحريق او أي كارثة أخرى تستوجب اتخاذ إجراءات وقائية سريعة مع مراعاة أنه يتوجب على الدولة المضيفة بشكل خاص اتخاذ كل الخطوات المناسبة لحماية الدور القنصلية من أي اعتداء أو ضرر ولمنع تعكير صفوها أو المس بكرامتها. واعتبرت الإتفاقية أن الدور القنصلية وموجوداتها وممتلكات البعثة القنصلية ووسائل نقلها محصنة ضد أي شكل من أشكال المصادرة لاغراض الدفاع الوطني أو المنفعة العامة. وإنه إذا كان الاستملاك ضروريا لمثل هذه الغايات، فيجب اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لتفادي إعاقة ممارسة الوظائف القنصلية ولدفع التعويض الملائم والفاعل والسريع للدولة الموفدة. أما بالنسبة للدبلوماسيين والقناصل الجانب ومن فى حكمهم فإنهم يتمتعون بالحصانة فى الدولة المضيفة باعتبارهم شخصيات " مصونة " فلا يجوز - طبقا للقانون الدولى - حبسهم أو إعتقالهم او تقديمهم للمحاكمة ولو جنائياً على فداحته - مبدئياً - أو معاقبتهم من قِبَلِ الدولة المضيفة لهم لكنهم يظلون فى الوقت ذاته خاضعين للنظام القضائى والقانونى فى بلدانهم الموفدين منها والتى يمثلونها فى البلد المضيف حيث يُستثنى أعضاء البعثات الدبلوماسية من ولاية القضاء في الدولة المعتمد لديها نظراً لطبيعة وظائفهم في البعثة فيما يسمى " حصانة التقاضى " كما أنه يحظر على الدولة المضيفة إتّخاذ " أى إجراء تنفيذي جبرى " ضد أموال البعثة أو ضد أعضائها بناء على طبيعة وظائفهم فيها عملا بمبدأ " حصانة التنفيذ " . الحل الأوحد فى هذه الحالة امام الدولة المضيفة حال إرتكاب احدهم جريمة تستوجب العقاب طبقا لقانون هذه الدولة المضيفة هو أن تعتبر هذا الشخص " غير مرغوب فيه " وعليه فى إطار إجراءات منظمة لهذه الحالة مغادرة البلاد المضيفة وبالتالى لها أن تحصل على ما يسمى دبلوماسياً " حق الطرد " من خلال الإجراءات المنظمة لذلك حيث تصبح مواصلة التعامل معه بصفتة هذه مرفوضاً من قبل الدولة المعتمد لديها وبالتالى يفقد حصاناته وإمتيازاته فى البلد المضيف بعد مهلة محددة تُمنَح له منها لمغادرة إقليم هذه الدولة . ويكون تنظيم ذلك على النحو المبين بنص المادة المادة 23 من إتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963م وهى المادة الخاصة بالأشخاص غير المرغوب فيهم والتى تنص على أنه يجوز للدولة المضيفة فى كل وقت تبليغ الدولة الموفدة أن موظفا قنصليا هو شخص غير مرغوب فيه أو أن أيا من موظفي البعثة هو غير مقبول. وعلى الدولة الموفدة عندئذ، ووفقا للحالة استدعاء الشخص المعني أو إنهاء وظائفه فى البعثة القنصلية. وإذا رفضت الدولة الموفدة خلال مدة معقولة تنفيذ التزاماتها المذكورة فى الفقرة الأولى من هذه المادة أو إذا لم تنفذها ، فللدولة المضيفة حسب الحالة أن تسحب الإجازة القنصلية من الشخص المعني أو أن تتوقف عن اعتباره موظفا من موظفي البعثة القنصلية. ويمكن اعتبار من عين عضوا فى بعثة قنصلية شخصا غير مقبول قبل وصوله إلى أراضي الدولة المضيفة، أو (إذا كان موجودا فيها من قبل) قبل تسلمه وظائفه فى البعثة القنصلية وعلى الدولة الموفدة فى مثل هذه الحالة سحب التعيين. كمت نمص على إن الدولة المضيفة ليست ملزمة بإبلاغ الدولة الموفدة أسباب قرارها فى حالتين : الأولى : حالة تبليغ الدولة الموفدة أن موظفا قنصليا هو شخص غير مرغوب فيه أو أن أيا من موظفي البعثة هو غير مقبول. وعلى الدولة الموفدة عندئذ، ووفقا للحالة استدعاء الشخص المعني أو إنهاء وظائفه فى البعثة القنصلية. الثانية : حالة إعتبار من عين عضوا فى بعثة قنصلية شخصا غير مقبول قبل وصوله إلى أراضي الدولة المضيفة، أو (إذا كان موجودا فيها من قبل) قبل تسلمه وظائفه فى البعثة القنصلية وعلى الدولة الموفدة فى مثل هذه الحالة سحب التعيين. غير إنه وفى عام 1973م تم إعتماد " إتفاقية الأمم المتحدة لمنع الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دولية " ومنهم بطبيعة الحال الدبلوماسيون والقنصليون والتى ورد فيها إنه في " الحالات الاستثنائية " يجوز إعتقال الدبلوماسيين أو إحتجازهم على أساس الدفاع عن النفس أو من أجل حماية الحياة الإنسانية . هذا مع احترام المبدأ الأساسى الذى يعتبر محل الإقامة " الخاص " بالدبلوماسيين والقنصليين وكذلك أوراقهم ومراسلاتهم وممتلكاتهم مصونة تماماً تماشياً مع المبدا العام الذى يعتبر الدبلوماسيون محصّنين من الاختصاصات المدنية والإدارية للدولة التي يقومون فيها بمهمتهم بالرغم من وجود عدد من هذه الاستثناءات التى تعد هامة أيضاً لصالح الدولة المضيفة . كما يجوز للدولة المرسلة لأعضاء هذه البعثة الدبلوماسية أو القنصلية أن " تتنازل صراحة " عن حصانة اختصاصات المندوبين الدبلوماسيين أو القنصليين وغيرها من الحصانات التي يمتلكونها وتعلن ذلك . أيضاً وفى ذات الشأن وطبقاً للمادة الحادية والأربعين - والخاصة بالحرمة الشخصية للموظفين القنصليين Personal Inviolability of Consular Officers - من إتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963م فإنه لا يمكن إخضاع الموظفين القنصليين للإعتقال أو الإحتجاز الاحتياطي بانتظار المحاكمة إلا في " حالة الجرم الخطير " وعلى أثر قرار من السلطة القضائية المختصة ، وباستثناء ذلك فإن الموظفين القنصليين لا يمكن سجنهم ولا إخضاعهم لأي شكل آخر من القيد على حريتهم الشخصية إلا تنفيذا لقرار قضائي نهائي ، وعليه فإن الموظف القنصلي ملزم لدى قيام إجراءات جزائية ضده بالمثول أمام السلطات المختصة مع وجوب سير الإجراءات بالاحترام الذي يليق به نظرا لمركزه الرسمي وبطريقة تتفادى بقدر الإمكان عرقلة ممارسة الوظائف القنصلية. أما حينما يصبح ضروريا وضع موظف قنصلي في الاحتجاز الاحتياطي ، فإن المحاكمة الموجهة ضده يجب أن تبدأ في أقصر مهلة. وعلى الدولة المضيفة في حال إعتقال أحد مأموري البعثة القنصلية أو في حال احتجازه احتياطيا بانتظار محاكمته أو في حال قيام ملاحقات جزائية ضده إلتزام بتبليغ رئيس البعثة القنصلية بذلك في أسرع وقت و، أما إذا تعرض رئيس البعثة القنصلية نفسه لأحد هذه التدابير فعلى الدولة المضيفة إبلاغ ذلك إلى الدولة الموفدة إبلاغا رسميا بالطرق الدبلوماسية. على الرغم من كل الإمتيازات والحصانات التى يتمتع بها أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى بالدولة المضيفة طبقا للقانون الدبلوماسى الدولى لا يمكن إغفال حتمية إلتزامهم باحترام قوانين وأنظمة الدولة المضيفة Respect for the Laws and Regulations of the receiving State إلتزاما لا يحتج فى مخالفته بحصاناتهم وامتيازاتهم ضاربين عرض الحائط بها ، فالقانون الدولى الدبلوماسى والإتفايات والمعاهدات الدولية سواء المتعددة الأطراف أو الثنائية تتفق كلها حول هذا المفهوم من الإحترام المتبادل ومبدأ المعاملة بالمثل بين الدول وإحترام قوانينها ونظمها العدلية وشرائعها الداخلية فيما بينها والتى لا تسمح بانتهاكها لما تمثله من تعبير عن سيادتها على إقليمها والتى تستتبع حتمية إحترامها من قِبَلِ كافة الموجودين فوقه بمختلف جنسياتهم والإلتزام المسئول بها . لعل من أبرز ما ورد بهذا الشأن فى القواعد والقوانين والإتفاقيات الدولية الملزمة فحوى المادة الخامسة والخمسين من إتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963م والتى تلزم كافة المتمتعين بالامتيازات والحصانات - مع عدم الإخلال بها - باحترام قوانين الدولة المضيفة وأنظمتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وهو حق للدولة المضيفة ملزم لأعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية الأجنبية على أراضيها . ومن حقوق الدولة المضيفة أيضاً عدم إستخدام البعثات القنصلية فى بلادها لمقارها وحصانتها وامتيازاتها بطريقة لا تتفق مع قواعد ممارسة الوظائف القنصلية ولا لأهداف مغايرة لذلك أو تتنافى معها. لقد أحدثت جريمة إخفاء وقتل المعارض السعودى البارز جمال خاشقجى - وقد تأكد حدوثها - تفاعلاتها وتطوراتها على الساحة الدولية مما يستتبع العديد من الآثار المترتبة على هذا العمل الإجرامى البشع الذى تستر تحت الحصانة الدبلوماسية والقنصلية وما تمنحه الإتفاقيات والمعاهدات الدولية والقانون الدولى من حماية للبعثات الدبلوماسية والقنصلية ومقراتها وحتى الحقائب الدبلوماسية وتحت عدم توقع استغلال مثل هذه النوع من المقار لتكون مجزرة يرتكب فيها ممثلون رسميون لدولة أجنبية مجزرتهم فيها وبالتالى فهم فى حصانة وامتيازات تحول بينهم وبين ملاحقتهم ومحاكمتهم جنائيا على حد اعتقادهم ، ولكن لا شك أن الحصانة الدبلوماسية والقنصلية طبقا لما تقره القوانين الدولية إنما هى حصانة فضفاضة وامتيازات مبالغ فيها فى اغلبها الأعم لا سيما فى المسائل القانونية والقضائية وما يتعلق بالعدالة وسيادة الدولة المضيفة على أراضيها وحقها فى تطبيق قوانينها المحلية التى تتسم بالعمومية والتجريد على كافة الموجودين على أرض الدولة أو فى أجوائها أو مياهها الإقليمية . إننى أتوقع أن تنظر الدول بعين الإعتبار وقد غدت الأحداث لا تستبعد تكرار ما حدث جملة وتفصيلا بقضية جمال خاشقجى مرة اخرى فى أى مكان بالعالم وبنفس المنهجية المستندة إلى إستخدام الدبلوماسية فى ارتكاب الجرائم ومنها الخطف والقتل والتمثيل بالجثة وتشويهها فى الوقت الذى تعنى فيه الدبلوماسية بترسيخ السلم فى العلاقات الدولية ومناطها الرئيسى فى العمل هو السلم الدولى ورعاية المصالح المشتركة بين الدول وهو ما تمت مخالفته بل انتهاكه تماما فى قضية جمال خاشقجى ، أتوقع بل أرى من الواجب العملى إعادة النظر دوليا فى كثير من التفاصيل المتعلقة بهذه الحصانات والإمتيازات والتى تشوبها المبالغة فى أغلب الأحيان بما يفتح المجال لانتهاك حرمة الدول المضيفة من خلالها والتى تغل يد العدالة فى أحيان كثيرة . رحم الله الحرية فى وطننا العربى ، ورحم الله الشهيد جمال خاشقجى الذى اغتالته أيادى الجهل والتخلف وهو القامة التى كان الأجدر بقاتليه أن يفخروا به قامةً فكرية وحضارية عربية بل وعالمية من بلدهم ، قامة حرة مدافعة عن الحق والعدل والحرية فى بلاده بل والعالم أيضاً فى ظل نظم قمعية استبدادية دأبت على استعباد شعوبها والتنكيل بهم صباح مساء فى ذات الوقت الذى تلهث فيه هذه النظم خلف نعال سادتهم فى الغرب ليُقبِّلوها ويَلعَقوها ويُيَمِّموا وجوهَهم شَطرها بينما يزعمون تمثيلهم للإسلام ويتشدَّقون بخدمتهم لأقدس بقاع الأرض والدماء تلوث أياديهم القذرة التى امتدت لتعيث فى الأرض عبثا وفسادا ضد المسلمين ذواتهم والعرب بمختلف إنتماءاتهم فى سوريا واليمن وليبيا ولبنان وغيرها من أنحاء وطننا العربى الكبير .

الناشـر :

الناشـر مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK على 10:47:00 م. فى باب . يمكنك متابعة أخبارنا وموضوعاتنا والتعليق عليها من خلال الدخول إلى RSS 2.0. ، فأهلاً بك

للحصول على نسختك الورقية من هنا ، إضغط هنا لطباعة الصفحة

اترك الرد

تفضل بوضع تعليقك هنا وأهلا بك وتعليقك الملتزم المحترم

Translator of WA Daily Newspaper

للحصول على نسختك الورقية من هنا

الارشيف

الشاعر دكتور علاء الدين سعيد وقصيدته "المأساة عربية" من حفل ديوانه قافلة العودة بمعرض القاهرة للكتاب

ديوان " قافلة العودة " للشاعر د. علاء الدين سعيد ، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2023م

الآن بالمكتبات الكُبرَى ومنافذ التوزيع ديوان "قافلة العودة" للشاعر د. علاء الدين سعيد

الحمـلة العالميـة لمقاومـة التطبيـع مع العدو

حركة مقاطعة إسرائيل "بي دي اس" (حركة مقاطعة العدو الصهيوني)

تحويل العملات ، وأسعار الصرف

كاريكاتير

إشترك وتابع قناة دكتور علاء الدين سعيد، على يوتيوب

إشترك في نشرتنا البريدية عبر بريدك الإلكترونى ليصلك جديدنا

تفضل بوضع بريدك الكترونى هنا ثم اضغط ثم قم بتفعيل اشتراكك من خلال بريدك الأكترونى

Delivered by FeedBurner