تم النشر فى : الثلاثاء، 21 مايو 2024
الناشر : مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK

السفير د. علاء الدين سعيد, يكتب: حق الشعوب في مقاومة الإستعمار ومحاسبة مجرميه طبقاً للقوانين والمواثيق الدولية


السفير د. علاء الدين سعيد, يكتب: 

حق الشعوب في مقاومة الإستعمار 

ومحاسبة مجرميه طبقاً للقوانين والمواثيق الدولية





الوطن العربي اليومية - لندن..  

بينما يفترض أن تعيش الشعوب حرة مستقلة تنعم بالإستقرار والسلم والأمن متطلعة إلى مستقبل أفضل, تحل على الكثير منها صور عدة من الإستعمار أبرزها الإستعمار التقليدي القائم على القوة المسلحة والإحتلال العسكري لبلاد هذه الشعوب فتصبح واقعة تحت هذا الإحتلال بالقوة وهو أمر يعارضه ميثاق المم المتحدة بل يحض على التصدي له من كافة الدول الأعضاء بهذه المنظمة الأممية الدولية بل وتعتبر حق الشعوب في تقرير مصيرها حقا شرعيا مكفولا لها بمقتضى القانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الدولية حيث تقر بأن الشعوب الخاضعة للإحتلال الأجنبي أو للسيطرة الإستعمارية لها الحق المشروع في النضال من أجل تقرير مصيرها وتحرير أراضيها. وفي سبيل ذلك تلعب كل من المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية دوراً محورياً واجباً عليهما في إنفاذ هذا الحق وضمان محاسبة مرتكبي الإنتهاكات الجسيمة - بما فيها الجرائم ضد الإنسانية - للقانون الدولي, وعلى المجتمع الدولي أن يكفل احترام هذه الحقوق ودعم نضال الشعوب المحتلة من أجل تقرير مصيرها وتحرير أراضيها. وبنظرة أكثر واقعية وعملية وتفصيلاً لموقف القانون الدولي حول إمكانية إستخدام القوة المسلحة من قبل الشعوب الواقعة تحت الإحتلال هو موضوع معقد حيث يُعتبر حق هذه الشعوب في المقاومة المسلحة ضد الإحتلال جزءاً أصيلاً من حق تقرير المصير والدفاع عن النفس المكفول في القانون الدولي, ومع ذلك، فإنه يوجب لاعتبار هذا الحق مشروعاً أن يكون إستخدام القوة ضد القوة الإستعمارية متناسبًا ومقتصرًا على الدفاع عن النفس وتحرير الأراضي المحتلة ويوجب أيضاً على قوى مقاومة الإستعمار تجنب الهجمات على المدنيين. أيضاً, يشترط القانون الدولي أن يكون استخدام القوة المسلحة كملاذ أخير بعد استنفاد جميع الوسائل السلمية الأخرى إضافةً إلى الإلتزام بقوانين وأعراف الحرب، مثل معاملة الأسرى بإنسانية وحماية المدنيين. بشكل عام، يرى القانون الدولي أنه يحق للشعوب الواقعة تحت الإحتلال إستخدام القوة المسلحة كوسيلة للدفاع عن حقوقها طالما أنها تلتزم بقواعد القانون الدولي بعد أن يكون هذا الكفاح المسلح هو الملاذ الأخير امامها بعد استنفاذها الوسائل السلمية مع الأخذ في الإعتبار تقييم نطاق وطبيعة إستخدام هذه القوة. رغم تفاصيل هذا الموقف المعقد, يتوافر الأساس القانوني للحق في مقاومة الإحتلال والسيطرة الاستعمارية المستقى من مبادئ القانون الدولي المتعلقة بحق تقرير المصير والدفاع الشرعي وكذلك مما أقرته العديد من المواثيق والإعلانات الدولية حول هذا الحق، ومنها ميثاق الأمم المتحدة والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما أكدت محكمة العدل الدولية على هذا الحق في العديد من أحكامها كفتوى بشأن الجدار العازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما ان هناك عدد من الأحكام والمبادئ القانونية الدولية التي تحكم استخدام القوة المسلحة من قبل الشعوب الواقعة تحت الإحتلال منها ما ورد بميثاق الأمم المتحدة في مادته الأولى التي تؤكد على مبدأ تقرير المصير للشعوب وكذلك المادة 51 التي تنص على حق الدفاع عن النفس ضد الهجوم المسلح, كما تؤكد وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة على حق الشعوب في تقرير مصيرها والحق في التحرر من الإحتلال الأجنبي والسيطرة الإستعمارية. أيضاً, فطبقاً للقانون الدولي الإنساني, نجد أن إتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول توفر الحماية للسكان المدنيين والمقاتلين كما تحظر الاعتداءات على المدنيين وتنص على التمييز بين المقاتلين والمدنيين. وباستعراض مضمون إعلان مبادئ القانون الدولي لا يمكن إغفال قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2625 (XXV) الذي يؤكد على حق تقرير المصير للشعوب, وكذلك القرار 3314 (XXIX) الذي يُعَرِّفُ العدوانَ وينص على حق الدفاع عن النفس. أضافة إلى كل هذه الأسانيد القانونية الدولية تلعب القرارات والأحكام القضائية الدولية دورها الهام الحاسم في إقرار هذا الحق ومنها قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة بشأن الإحتلال العسكري, إضافة إلى أحكام محكمة العدل الدولية بخصوص حق الشعوب في المقاومة. يمكن القول انه بشكل عام، يسمح القانون الدولي للشعوب الواقعة تحت الإحتلال باستخدام القوة المسلحة كملاذ أخير للدفاع عن النفس وتحرير أراضيهم شريطة التقيد بمبادئ "التناسب والضرورة العسكرية", فبموجب المادة 1-4 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977يكون للشعوب الواقعة تحت الإحتلال الأجنبي أو تحت السيطرة الاستعمارية الحق في مقاومة ذلك الإحتلال أو السيطرة " بكافة الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح". وقد أكدت العديد من القرارات والإعلانات الدولية هذا الحق، بما في ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2787 (XXVI) لعام 1971. من ناحية اخرى, يفرض القانون الدولي على المقاومين المسلحين التقيد بقواعد القانون الدولي الإنساني الي توجب عليهم إحترام أحكام اتفاقيات جنيف وقوانين الحرب كما توجب عليهم – حسب قواعدها - تجنب استهداف المدنيين والأعيان المدنية إضافة إلى الإلتزام بمبدأ "التناسب والضرورة العسكرية" التي تعني أنه يجب أن تكون القوة المسلحة المستخدمة من قبل المقاومة متناسبة مع الهدف المشروع وضرورية لتحقيقه دون الإفراط في إستخدام القوة وإلا ترتبت العواقب القانونية المحتملة لاستخدام القوة المسلحة من قبل الشعوب المحتلة، وذلك يتوقف على نطاق وطبيعة استخدام القوة. أما فلسفة القانون الدولي في إقرار ذلك فمبرره العمل على تجنب ما قد يؤدي إليه إستخدام القوة المفرط من قبل الشعوب الواقعة تحت الإحتلال من تصعيد النزاع وتدخل دول أخرى مما قد يؤدي إلى مزيد من الدمار والخسائر الإنسانية. كما قد تتوافر المسئولية الجنائية الفردية التي بمقتضاها قد يُحاكم القادة والجنود المشاركون في أعمال عنف مخالفة للقانون الدولي أمام المحاكم الجنائية الدولية عن الجرائم المحتملة التي تشمل جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية. ذلك إضافة إلى المسئولية القانونية الدولية للدولة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني مما قد تواجه معه جزاءات سياسية وإقتصادية من المجتمع الدولي. على الرغم من هذه الجزئية القاتمة في القانون الدولي نحو المقاومة المسلحة ضد الإحتلال والقوى الإستعمارية التي تثير في كثير من الأحيان كثيراً من الغموض والإلتباس في المحددات العملية لمخالفة أو تجنب هذه المحاذير على السواء, إلا أن المبدأ الأصيل الأساسي هو الإقرار بحق الشعوب في المقاومة المسلحة ضد الإستعمار مع الأخذ في الإعتبار أنه في الوقت ذاته لا يعترف القانون الدولي بأي حق في إستخدام القوة الإستعمارية وقوات الإحتلال للقوة المسلحة ضد الشعوب أو قوى المقاومة ضدها تحت أي ذريعة كانت ولو كانت حجة الدفاع الشرعي أو الحفاظ على الأمن القومي لهذه القوى الإستعمارية, مما يوفر الحماية القانونية الدولية لحق الشعوب في مقاومة الإستعمار. بل أكثر من هذا نظم القانون الدولي مسئولية الدول تجاه قوى مقاومة الإحتلال, فوفقاً للقانون الدولي تتحمل الدول مسئولية عدم المساعدة في مقاومة الإحتلال أو السيطرة الإستعمارية، فأوجب على المجتمع الدولي دعم نضال الشعوب المحتلة من أجل تقرير مصيرها. وعليه أكدت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري بشأن الجدار العازل أن علىالكيان الصهيوني أن ينهي احتلاله للأراضي الفلسطينية وأن على الدول الأخرى ألا تساعد في الحفاظ على هذا الاحتلال. كما توعد القانون الدولي وكذلك المواثيق الدولية مجرمي الحرب من القوى الإستعمارية بالمحاكمة عما إرتكبوه من جرائم في حق الشعوب الواقعة تحت الإحتلال وتعهد بعدم إفلاتهم من العقاب بعد محاكمتهم العادلة وثبوت جرمهم. في هذا الشان يبرز دور المحكمة الجنائية الدولية إذ تتمتع باختصاص قضائي على الجرائم الخطيرة كالإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وقد قامت المحكمة بمحاكمة العديد من قادة الإحتلال والنظم الإستعمارية العديدة على إنتهاكاتهم للقانون الدولي الإنساني مما يشكل ركناً أساسياً في حماية حقوق الشعوب الواقعة تحت الإحتلال وركيزة داعمة لمقاومتهم المشروعة. وعلى سبيل المثال الذي لا يفقد معه الآمل الذي قد يصل حد اليقين في محاكمة مجرمي الحرب قادة الكيان الصهيوني البغيض اللقيط, سبق لهذه المحكمة ان حاكمت قادة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا على الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبوها. إضافة إلى محاكمة مجرمي الحرب عن طريق المحكمة الجنائية الدولية, ياتي دور محكمة العدل الدولية حيث تُعتبر هي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة المسئول عن محاكمة الأنظمة والدول. وقد أصدرت هذه المحكمة العديد من الأحكام والفتاوى التي تؤكد على حق الشعوب الواقعة تحت الإحتلال في مقاومة الإحتلال والسيطرة الاستعمارية كما أنها حددت المسئوليات القانونية للدول والكيانات الإستعمارية في هذا الشأن. بالإضافة إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، هناك آليات أخرى لإنفاذ حقوق الشعوبالواقعة تحت الإحتلال, كلجان تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة ونظام الشكاوى الفردية في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان. كما أن تقديم دعوى قضائية ضد الدول المحتلة أمام محاكم وطنية أمر ممكن في بعض الحالات. علينا ان نعلم في النهاية أن هناك فارق كبير بين الإستعمار الذي يمثل دولة موجودة قبل احتلالها دولة أخرى والإستعمار الذي نشأ من خلال إحتلال عصابة مسلحة لا تمثل دولة موجودة أصلاً ولا كيان دولي لها لأراضي دولة فأصبحت هي القوة الإستعمارية وسلطة الإحتلال ولو أنشات هذه العصابة دولة على الأراضي التي إحتلتها واغتصبت خيراتها وارتكبت فيها أبشع المجازر ضد الإنسانية وبالتالي لا تستحق الإعتراف بها كدولة ولا برعاياها إلاَّ قوى إستعمارية إستيطانية مسلحة ولو بدت مدنية زوراً ودعايةً إستوطنت بلاداً وأرضاً لا ينتمون إليها بأي حال من الأحوال, وهو أمر بالغ الأهمية تجب مراعاته في المجتمع الدولي ومنظماته الدولية وكذلك على المنافحين المدافعين عن شعبنا العربي الفلسطيني لا سيما أمام أىٍّ من محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية مراعاته بكل قوة نصرة لفلسطين وشعبها المناضل البطل ونضاله المشروع ضد هذه الكيان الصهيوني الهش البغيض اللقيط العالة على المجتمع الدولي والإنسانية كلها.

الناشـر :

الناشـر مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK على 11:00:00 م. فى باب . يمكنك متابعة أخبارنا وموضوعاتنا والتعليق عليها من خلال الدخول إلى RSS 2.0. ، فأهلاً بك

للحصول على نسختك الورقية من هنا ، إضغط هنا لطباعة الصفحة

اترك الرد

تفضل بوضع تعليقك هنا وأهلا بك وتعليقك الملتزم المحترم

Translator of WA Daily Newspaper

للحصول على نسختك الورقية من هنا

الارشيف

الشاعر دكتور علاء الدين سعيد وقصيدته "المأساة عربية" من حفل ديوانه قافلة العودة بمعرض القاهرة للكتاب

ديوان " قافلة العودة " للشاعر د. علاء الدين سعيد ، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2023م

الآن بالمكتبات الكُبرَى ومنافذ التوزيع ديوان "قافلة العودة" للشاعر د. علاء الدين سعيد

الحمـلة العالميـة لمقاومـة التطبيـع مع العدو

حركة مقاطعة إسرائيل "بي دي اس" (حركة مقاطعة العدو الصهيوني)

تحويل العملات ، وأسعار الصرف

كاريكاتير

إشترك وتابع قناة دكتور علاء الدين سعيد، على يوتيوب

إشترك في نشرتنا البريدية عبر بريدك الإلكترونى ليصلك جديدنا

تفضل بوضع بريدك الكترونى هنا ثم اضغط ثم قم بتفعيل اشتراكك من خلال بريدك الأكترونى

Delivered by FeedBurner