تم النشر فى : السبت، 1 يونيو 2024
الناشر : مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK
السفير د. علاء الدين سعيد، يكتب: ثورة الخبز.. دروس من أزمة 18و19 يناير عام 1977 في مصر
في الثامن عشر والتاسع عشر من يناير عام 1977، شهدت مصر إحتجاجات واسعة النطاق ضد قرارات الحكومة برفع أسعار السلع الأساسية وعلى رأسها الخبز. وقد عُرفت هذه الإحتجاجات باسم "إنتفاضة الخبز" أو "ثورة الخبز" بينما أسماها الرئيس السادات حينها " إنتفاضة الحراميَّة" وهي تسمية جائرة لثورة الشعب المصري من أجل الحق في الحياة.
بدأت الأزمة عندما أعلنت الحكومة المصرية، بقيادة الرئيس أنور السادات، عن رفع أسعار السلع الأساسية بنسبة تصل إلى 50%، بما في ذلك الخبز الذي يُعتبر الغذاء الأساسي للمصريين. هذا القرار الذي أثار غضب الشعب المصري الذي بدأ بالتجمع في الشوارع والساحات العامة للإحتجاج بقوة على هذا الإجراء.
إنتشرت الإحتجاجات بسرعة في القاهرة والمدن الكبرى الأخرى، واتخذت في بعض الأحيان طابع العنف مع قيام المتظاهرين بإغلاق الطرق وإحراق المباني الحكومية. واجهت السلطات الأمنية المحتجين بعنف شديد، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى وآلاف الجرحى والمعتقلين.
بعد يومين من الإحتجاجات العارمة، إضطرت الحكومة إلى التراجع عن قرار رفع أسعار السلع الأساسية وإعادة الأسعار إلى مستواها السابق. وقد شكل هذا الإنتصار للشعب المصري علامةً بارزةً في تاريخ مصر الحديث.
إن "ثورة الخبز" عام 1977 تحمل العديد من الدروس والعبر التي يجب أن نتعلمها وتتخذ منها الحكومات المفترض أنها رشيدة العبرة والدروس المستفادة, ومنها :
أولاً، أثبتت هذه الأحداث قوة الشعب المصري وعزيمته في الدفاع عن حقوقه ومصالحه الأساسية. كما أظهرت مدى حساسية الحكومات اللاحقة تجاه أي قرارات تمس المستوى المعيشي للمواطنين.
ثانياً، برزت الحاجة الماسة إلى إشراك الشعب في صنع القرار السياسي وتبنِّي سياسات إقتصادية وإجتماعية تراعي إحتياجات الطبقات الفقيرة والمتوسطة. فعدم مراعاة ذلك يمكن أن يؤدي إلى إنفجارات إجتماعية خطيرة.
ثالثاً، يجب على الحكومات أن تتعامل بحكمة وحذر مع الإحتجاجات الشعبية، وتجنب اللجوء إلى القمع والعنف، لأن ذلك من شأنه أن يؤجج الأزمة وينال من مصداقية السلطة.
في الختام، تُعد "ثورة الخبز" عام 1977 نموذجاً بارزاً على قدرة الشعب المصري على التعبئة والتضحية من أجل الدفاع عن حقوقه الأساسية. وتبقى هذه التجربة درساً مهماً للحكومات الحالية والمستقبلية في ضرورة الاستماع إلى مطالب الشعب وإيجاد الحلول المناسبة لها دون المساس بمقدرات حياته ومعيشته ومن ثم كرامته التي يجب ان تصونها وتحترمها الحكومات المتعاقبة والتي يكفلها الدستور بكل الإحترام والعناية.
.png "English"){kind=small}
.png&contenttype=png)
